ببطء راح المؤلف يمشي في طريقه وهو يسأل نفسه: ما هذا الذي كنت تريد أن تتعلمه من الأساتذة والتعاليم؟ وعلى الرغم من أنهم قد علموك الكثير فما الذي لم. . .  يستطيعوا أن يعلموك إياه؟ وقال لنفسه: النفس, صفتها وطبيعتها هو ما أردت أن أتعلمه. أردت أن أتخلص من النفس. أن أقهرها. لكنني لم أستطع أن أقهرها ولم أستطع أن أخدعها. استطعت, فقط, أن أهرب منها. وأن أتوارى عنها. والحقيقة أنه لم يسبق لشيء في الدنيا أن شغل تفكيري مثلما شغلته النفس, هذا اللغز, لغز أنني أعيش, أنني واحد ومنفصل ومختلف عن أي شخص آخر, أنني سد هارتا. وما من شيء في الدنيا أعرف عنه أقل مما أعرف عن نفسي, عن سد هارتا. وبغتة, وفيما كان المفكر يسير متباطئاً في طريقه, توقف, وقد سيطرت عليه هذه الفكرة, ومنها بزغت, فوراً, فكرة أخرى. وهي: أن سبب عدم معرفتي أي شيء عن نفسي, وسبب بقاء سد هارتا غريباً عن نفسه وجاهلاً بها هو أمر واحد, أمر واحد فقط, هو أنني كنت أخاف من نفسي, كنت أهرب منها. كنت أسعى الى البراهما, إلى أتمان, كنت أريد أن أدمر نفسي وأن أخرج من نفسي, لكي أعثر, في الأعماق المجهولة, على جوهر الأشياء كلها, على أتمان, على الحياة, على القدسي, على المطلق. ولكنني بسعيي هذا أضعت نفسي.   Show.