يمكن القول إن الظروف التي رافقت ولادة الولايات المتحدة الأميركية كانت ظروفاً نادرة أدت إلى ظهور الشخصية الأميركية المميزة التي تسعى إلى الربح الما. . .  دي والثروة وتعلي من شأن المغامرة والنزعة الفردية، غير أن ثقافة الأميركيين كانت خليطاً من ثقافات الشعوب المهاجرة انصهرت جميعها في بوتقة المجتمع الجديد. كانت الثقافة الأميركية خليطاً من المسيحية والرأسمالية والديمقراطية، وقد انعكس هذا الترتيب على الفئات المهيمنة على المجتمع الأمريكي عند نشوئه حيث كانت البيوريتانية هي المهيمنة على المجتمع آنذاك إذ تغلب ذلك على ما عداه من مكونات. وتحت ضغوط عدة اضطرت مجموعات عرقية كثيرة إلى التأقلم مع الوضع الجديد الذي ساد حقبته ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث اندمجت في المجتمع وذابت فيه فنشأت عند ذلك مجموعة من القيم الجديدة. إن مؤلف هذا الكتاب يرى أن الحضارة الأميركية انطلقت من إنكلترا كحركة دينية وسياسية ثورية، حيث تنتسب إلى هذه الأصول الخصائص الجوهرية للسلوك الاقتصادية ومحاولات الإبداع الفني الأمريكي، ثم ما لبثت هذه الخصائص أن أثبتت قدرتها على إرساء طابع ثقافي تم قبوله لدى معظم الاتجاهات على أنه "أمريكي" حتى فترات متقدمة من القرن العشرين. إن هذا الكتاب يقدم مسحاً لمسار الثقافة الأمريكية وتطورها عبر أربعة أجزاء، أطلق المؤلف على الفترة الممتدة من إنشاء المستوطنات وحتى عام 1815 تسمية فترة الثقافة المحلية، حيث نشأت المستوطنات اعتماداً على إنكلترا وتجسد الإبداع الأصلي في التكيف المحلي مع الأفكار المستوردة. أما الفترة الثانية أو فترة الثقافة الإقليمية، فهي تمتد من عام 1815 إلى عام 1910، خضعت أمريكا خلالها إلى ثقافة فئوية، وظهر آنذاك رجال مثلوا فئات أكثر من تمثيلهم للمدن التي انحدروا منها، وتعد الفترة الممتدة بين 1901 و1941، مرحلة الثقافة الوطنية إذ أصبحت الداروينية الاجتماعية والبراغماتية، والتبشير بالثروة نظريات فئوية أخذت صفة (الأمركة) لأن الشمال هو الذي كسب الحرب. أما الجزء الأخير فهو يشمل الفترة من 1941 وحتى وقتنا الحاضر وأصبحت فيه أمريكا موئلا لثقافة عالمية (كوزموبوليتية).   Splash.