يُشكِّل العنوان ركيزة أساسيّة في هذا الكتاب، فكلَّما حارَ القارئ بمكان أو زمان الأحداث الموجودة به، أو بغرابَتها أو بُعدها عن عادات وتقاليد ثقافته. . .  ، سيرُدُّه العنوان حتماً إلى صاحب المذكِّرات العربيِّ الشَّرقيِّ التَّقليديِّ. تَنتقد هذه المذكرات أهمَّ الأحداث في المجتمع بشكلٍ عامٍّ، وتَربِطُ قديمَه بجديدِه، وتُقارن بَينهُ وبين عدَّةِ ثقافاتٍ أُخرى، وتُبيِّن تَطوُّره أو تَأخُّره حسبَ تَواتُرِ التَّاريخ المَكتوب أو المحكيِّ أو المَشهود، وتمَّ التَّركيز فيه على نَقد الفِعل لا الفاعل تَطبيقاً للحِياديَّة التي بُنيَتْ عليها المذكِّرات، والتي مِنْ شأنها أنْ تَمنع توجيه إصبع الاتهام إلى أحدٍ بِعَينهِ حتَّى لا تَضيع الفكرة بَينَ مُؤيدٍ ومُعارضٍ، وحتَّى يُتاحَ المجال للقارئ بتطبيق بعض أفكار الكتاب أو الانتقادات الموجودة فيه على نفسه بكُلِّ حُرِّيَّةٍ وسرِّيَّةٍ. تَنصبُّ موضوعات المُذكَّرات على تَعزيز قِيَم الخير بشكلٍ عامٍّ، ومحاولةُ التَّذكير بها، والتَّنديد بالأفعال الشِّريرة أو غير الخَيِّرة، وإنً كانَ النَّقد لاذعاً في بعض السُّطور فذلك لأنني أنتقد نفسي بالدرجة الأولى، لا لصُنعِ عالَمٍ مثاليِّ مُستحيلٍ، ولكن لإرجاحِ كفَّة الخير الموجود أصلاً على كفة الشرِّ فقط، فرُجوحُ كفَّة الخير وحدَها ستصنعُ فارقاً يُلمَسُ ويُرى في المُجتمع، وبالتَّأكيد سيُنقِذُ الكثير مِنَ الأرواح، ويُجدِّد الأمل في نفوس ملايين البشر، والأهمُّ مِنْ ذلك كله أنَّه سَيَرفع إلى السَّطح طَبقةً مِنَ المجتمع مَنسيةً عند الكثيرين ومدفونةً في مشاغل حياتها القاسية، وكأنَّها ترقُد بقبورِها قَبلَ أنْ تموت، تلك الطَّبقة إن أحسَسنا بقليل مِنْ عنائها فحتماً سَتدفعُنا ضَمائرُنا للعَودة إلى إنسانيَّتنا مُكرهين.   Show.