تقدم التحليلات الكمية لمجمل الظواهر الاقتصادية وصفاً دقيقاً للمشكلة إذا ما أحكمت متطلباتها ابتداءً من مضبوطية البيانات المستخدمة وصولاً إلى حسن ال. . .  أسلوب التحليلي ومن ثم مدى قدرة متخذ القرارات في توظيف الاستنتاجات المستخلصة. لقد برزت أهمية التحليلات الكمية في علم الاقتصاد منذ بضعة قرون ولكنها تبلورت وتعمقت خلال القرن الماضي وخاصة الرياضية والإحصائية منها ولهذا صار من الضروري على دارسي علم الاقتصاد والمهتمين بالشؤون الاقتصادية إيلاء التحليلات الكمية المذكورة اهتماماً خاصاً حيث لم تعد المقالات الوصفية البحتة التي تقوم على سرد غير موثق بالمعلومات والوسائل الكمية قادرة على الإحاطة بطبيعة الظاهرة وعناصرها وقوانين حركتها تمهيدا لمعرفة اتجاهاتها والمؤثرات التي تتحكم بها. وقد حاولنا في هذا الكتاب أن نقدم شيئا من التحليلات الكمية الاقتصادية بأسلوبها الرياضي المبسط ومن هنا جاءت تسمية الكتاب (بالتحليل الكمي الاقتصادي) تلك التسمية التي اشتقت من (الكم ولكمية )والتي تعني كما يفهمها القارئ الكريم استخدام الشروح الكمية (الرياضية ) للعلاقات والتشابكات الاقتصادية سواء ما يتعلق بها بالاقتصاد الكلي أو الاقتصاد الجزئي. . ولم تكن أمامنا فرصة التوسع الكثير في هذا المجال لان الوسيلة والغاية كانتا متلازمتين عند دراسة موضوع كهذا فلم نتمكن الدخول إلى التكميم مباشرة بسبب الحاجة لاستكمال جوانب من المعرفة الرياضية لدى البعض من الإداريين والباحثين المبتدئين كما لم نتمكن من الأطناب في شرح التحليلات الرياضية البحثية خوفا من تحول الموضوع إلى كتاب في الرياضيات ولهذا سعينا التوفق بين الحاجتين والموازنة بينهما واعتمدنا أسلوب نتمنى أن يرضى القارئ وذلك باستعراض التحليل الرياضي أولا ومن ثم عرض التطبيقات الاقتصادية الكمية بعدئذ أي قدمنا الوسيلة الرياضية كي تكون مفهومة عند استخدامها في التكميم الاقتصادي اللاحق. وقد حرصنا على أن تكون التحليلات الرياضية متدرجة فبدأنا بالمبادئ الأولية والعلاقات الخطية والتي شملت الدول الخطية والمصفوفات وجداول المستخدم المنتج والبرمجة الخطية والتي احتواها الجزء الأول من الكتاب أما العلاقات غير الخطية والتي شملت الدول غير الخطية ومبادئ التفاضل والتكامل والمعادلات التفاضلية ومعادلات الفروق فقد وضعت في الجزء الثاني. والنقطة الأخرى التي راعيناها هي الابتعاد عن التحليلات الرياضية المعقدة والاتجاه نحو التبسيط والاستعانة بالشروحات التوضيحية الضرورية لخلق حالة الفهم التي يرجوها القارئ الذي لم يسبق له دراسة الرياضيات العامة كما لجأنا في سبيل تحقيق ذلك إلى مزيد من الأمثلة التي نراها الوسيلة الأكثر فائدة في تحقيق حالة الفهم المذكورة فهي إحدى وسائل التعلم عن طريق العمل التي أثبتت جداولها في المجالات التعليمية. وبعد كل فصل رياضي عرضنا بعض القضايا الاقتصادية الأكثر شيوعا مستعينين في عرضها بالتحليلات الرياضية التي سبقتها وهكذا تصاعدت عملية العرض والتحليل فبدأنا بالعلاقات الاقتصادية البسيطة التي يمكن أن تشكل دالة خطية وبينا كيفية تمثيلها بالرسم البياني ومن ثم حلها رياضيا وصولا لتحديد الكميات الاقتصادية من عرض وطلب وتكاليف وإنتاج واستهلاك وصادرات واستيراد ونقاط تعادل وغيرها. ثم انتقلنا بعدئذ إلى الدول الاقتصادية غير الخطية أو ما يسمى بالمنحنيات وهي الصورة الأخرى للدول الاقتصادية الخطية ومن ثم تعرضنا للتفاضل والتكامل وتطبيقاتهما في التحليلات الكمية الاقتصادية ذات العلاقة بالاقتصاد الكلي أو في نماذج النمو الاقتصادي وغيرها ، كذلك الحال بالنسبة لمعادلات الفروق التي استخدمت في عرض بعض النماذج الرياضية أيضا. أما المصفوفات الجبرية فقد استخدمت في تحليلات المستخدم – المنتج واستعمالاته في عرض التشابك الاقتصادي والتنبؤ في المتغيرات الاقتصادية الكلية في حسابات الدخل القومي كذلك استخدمت المصفوفات في شرح البرمجة الخطية وحلولها واستخداماتها الاقتصادية. ونحن إذ تغمرنا السعادة في تقديمنا شيئا متواضعا في مجال الاقتصاد الكمي نشعر في نفس الوقت بأن هناك مجالات رحبة كثيرة في هذا الموضوع لم يسعفنا الحظ في التطرق إليها كما نلتمس العذر عن أي سهو أو خطأ حدث دون أن نلتفت إليه تاركين للقارئ اللبيب أمر تصحيحه وكم نكون ممتنين لو نبهنا عنه المكان تلافيه في الطبعات اللاحقة. شاكرين الله سبحانه وتعالى الذي وفقنا على وضع هذا الكتاب فله الفضل كله وبه نستعين   Show.