يحاول المؤلف من خلال كتابه هذا الإجابة عن السؤال التالي: "كيف تمكن الأمريكيون من أن يصبحوا على الصورة التي هم عليها في منتصف القرن العشرين؟" وبعبا. . .  رة أخرى ينظر المؤلف وفي كتابه هذا إلى الأحداث العديدة في الماضي الأمريكي من خلال عدسة رؤية الحاضر. ومن المسلم به أن الكثير من المادة التي تدخل في قصة أمريكا غائب في هذا المنحى مثل ما هو متعلق بالإدارات الرئاسية بين عامي 1868 و1901، وفيما يتعلق بالهنود الأمريكيين (الهنود الحمر) وأيضاً فيما يتعلق بالاستيطان في مستعمرات القرن السابع عشر وحرب سنة 1812 التي لم يتطرق المؤلف غليها إلا من خلال ملاحظة في هامش إحدى الصفحات. ومن ناحية أخرى يبرز المؤلف في كتابه هذا تاريخ الزنوج في أمريكا ضمن فصول ثلاثة، مستعرضاً نهوض الموت وتأثيرها ضمن فصلين، بينما يناقش مناقشة موسعة في موقع آخر بدايات القومية أو الوطنية الأمريكية في الحقبة الاستعمارية (الاستيطانية). هذا ومعنى أن يكون تاريخ أمة بأكملها في كتاب واحد كهذا، هذا يعني بالضرورة أن يكون الكتاب أكثر انتقائية، لذا يقول المؤلف بأنه قصر نفسه على نواحي الماضي التي لها أثر على الحاضر، حيث حصر معالجته بتاريخ الأمريكيين كشعب فقط، لذا لن يجد القارئ في هذا الكتاب شيء ذي بال عن عظام الرجال أو عباقرة الأفراد، اللهم إلا حيث يجسد هؤلاء الرجال قيم شعب بأسره وطموحات هذا الشعب. بالإضافة إلى ذلك سعى المؤلف من أجل تفسير حركة التاريخ واتجاهه على دور المعتقدات والافتراضات والقيم التي اعتنقها الأمريكيون من عامة الناس، وليس الأفكار العظمة للمفكرين التي تشكل أساس التاريخ الفكري ذي الطابع الرسمي، حيث لاحظ المؤلف أن الأمريكيين تعلقوا على سبيل المثال بأفكارٍ كالحركة والمساواة والعدالة والمسيحية، وعملوا على تحقيقها، فغيروا بعملهم هذا مسار تاريخهم. إلى جانب ذلك سعى المؤلف إلى التوكيد أيضاً ومن أجل تفسير حركة التاريخ واتجاهه، على المناحي الاقتصادية، والتي يكون انعكاسها قوي على مجمل الأفكار، وحول هذا يقول بأنه من الافتراضات الأساسية في هذا الكتاب أن للأفكار حياة خاصة بغض النظر عن أصلها، والمقصود بعبارة "حياة خاصة بها" أن الناس يدافعون عن الأفكار أو يعارضونها لأسباب لا تتعلق دائماً بمصالحهم الذاتية، أو بالميزة الاجتماعية الاقتصادية لمجتمعهم. لذا يحاول المؤلف أن يبين، أنه وعلى الرغم من نجاح الأمريكيين في فرض مثلهم على المجتمع أحياناً، إلا أنهم سمحوا أحياناً للعلاقات الاجتماعية التي طوروها بأن تملي ما هو طيب ورديء من ناحية أخلاقية، إلا أن الأمريكيين أوضحوا في كل مجال ناضلوا فيه من أجل تحقيق رؤاهم الأخلاقية، أن الأفكار، وكذلك القوى الاقتصادية، قادرة على تغيير مجرى التاريخ. ويذكر المؤلف بأن كتابه هذا سيظهر على أنه يحتفي بالماضي والحاضر للأمريكيين، على حدّ سواء، أما بالنسبة لأولئك الشاعرين بالإحباط والنقمة إزاء حال الثقافة الأمريكية، فإن الانتقادات التي يسوقها المؤلف في كتابه هذا لتلك الثقافة ستبدو موجعة، وفي الرد على ذلك يقول بأن انتقاده هذا ليس هو للمجتمع الأمريكي، ولن يكون هذا أيضاً مدحاً يكال لهذا المجتمع، لأن تاريخ الشعب الأمريكي الممتد على مدى ثلاثمائة وخمسين سنة هو في واقع من الأمر لا يحمل إنجازات الأمريكيين ما يضاهي ما أنجزه أي شعب آخر، وذلك على الرغم من الظروف الجيدة التي أحاطت بهم وبما أُغْدِقَ عليهم من ظروف حسنة وذلك نتيجة انفصالهم عن الاضطراب والدمار الناجمين عن الحروب الأوروبية، بالإضافة إلى سخاء الطبيعة على تراب بلادهم. فهم وضمن هذه الظروف المؤاتية لم يعطوا ما هو واجب إعطاؤه. ومن ناحية أخرى وثمة افتراض آخر يقوم عليه هذا الكتاب، وهو حول الثقافة الأمريكية، إذ أن الأمريكيين يختلفون عن الآخرين في أن ثقافتهم فريدة في بابها، هذا ما يراه المؤلف مضيفاً بأن الولايات المتحدة وعبر منظور تاريخي طويل الأمد، ليست سوى أحد الأشكال المتنوعة للحضارة الأوروبية الغربية. إلا أنهم (الأمريكيون) متميزون ونسيج لوحدهم، ويبرز المؤلف ضمن صفحات هذا الكتاب أوجه الشبه والخلاف، ضمن قصة التاريخ الأمريكي. لذا فإنه من الممن إطلاق وصف "استكشاف أصول الشخصية الأمريكية" على هذا الكتاب، وكأنه بذلك محاولة استكشافية قام بها المؤلف لرسم خريطة دقيقة لتحديد التضاريس الاجتماعية الأمريكية.   Show.