العلامة لويس ماسينيون (Louis Massignon) أشهر من أن أعرِّفه للقارئ فقلّ من لا يعرفه أو يسمع بمؤلفاته الفريدة في بابها وإستكشافاته الأثرية وبحوثه ال. . .  إجتماعية، فهو بطل من أبطال العلوم الإجتماعية، ومن فرسان العلوم العربية والإسلامية. للعلامة "ماسينيون" مصنّفات ومؤلفات عديدة كلها نوادر وتحف غالية ولكن مع الأسف لم ينقل منها إلى العربية إلا القليل؛ وكان حضرته قد أرسل لي نسخة من مؤلفه هذا مبادلة لأحد مؤلفاتي، فما أن قرأته ورأيت أبحاثه ولاحظت تحقيقاته وإستنتاجاته وتتبعاته في الموضوع والخريطة التي وضعها للكوفة القديمة (بعد جاب بنفسه صحراء الكوفة وزار أنقاضها وفتّش عن مواقعها الأثرية فاهتدى إلى معظم النقاط والمواضع المندرسة، كالكناسة والثوية ومساجد المحلات ودير هند الصغرى والجبانات والقنال المحيط والأنهر إلخ. . . ) حتى رأيت لزوم ترجمة هذا الأثر القيم، فاستأذنت حضرة المؤلف فأَذن لي بالترجمة وتلطّف فأجازني أيضاً التعليق عليه. الكوفة كانت مركزاً مهماً لحادث إجتماعي عظيم وعاصمة لتأسيس الحضارة الإسلامية آنذاك، وهي اليوم أيضاً عاصمة واسعة لمستقبل اللغة العربية وعلومها طبعاً يقصد من الكوفة اليوم النجف، ولم تكن أختها البصرة ولا دمشق حتى ولا الفسطاط والقيروان لتعرض لنا صورة واضحة رصينة كالكوفة، وذلك في التمصير وتثبيت القبائل البدوية الفاتحة المنتصرة وإستقرارها على حافة الصحراء في ريف مماس إلى لسان من الرمل اليابس النافذ في منطقة تروى بمياه شط عظيم "الفرات" وفي جزء من ذلك القطر الذي كانت له مدنية زاهية زاهرة في الأزمنة الغابرة يعني مدينة الكلدانيين والبابليين والآراميين.   Show.