سدَّدوا إليَّ بغتةً سهام النقد واتهموني بالتّقصير في حق مدينتي إربد! فقلت لهم مُندهشاً مُستنكراً: كيف؟ وأنا الذي ما زالَ يعْشقها, ولا يُطيقُ. . .  فِراقَها؟! أجل كيف؟ وأنا الذي ما زال يهواها, ويحبُّ أرضها وسماءها, إذ فضّلتُها على سائر المدن, واخترتُها مكاناً لي في السَّكَن؟! قالوا: لكنّك يا حمدي وإن وضعت فيها بعض الحكايات في النثر, لم تنظُم فيها البتة شيئاً من الشعر!، وهي التي ما زالت تنتظر قصيدة جيدة يستحسنها الناس, ليتغنَّوا بِها وبجمالها في المناسبات والأعراس! وهكذا أقنعني أصدقائي عندئذٍ بالتقصير, فوَعدتُهم خيراً في هذا الأمر, ثم رحت في خلواتي الأدبية أحاول أن اقْتنِصَ الفُرَص, لعلَّي أُوفَّقُ إلى نظْم قصيدة جميلة تَسُدُّ هذا النقص, مستعيناً بشياطين القريض المُلهِمة, وبربَّات الشعر الهائمة الحالمة, حتى تمكنتُ بعد مُعاناةٍ وطول انتظار, من نظم قصيدة رحت أنفحها بدقة وحَذر, وأُديمُ فيها التأملّ وإعادة النظر, حتى بَدَت لي أخيراً مقبولةً مناسبة, بل بدت لبعض الأصدقاء جيدةً مُعْجبة!   Show.