"في التسع سنوات التي فصلت الفرحة البكر والرواح إلى الجامعة الأردنية، كانت ثمة حرب واحتلال، كان الوجع بفصل الضفة الغربية عن المملكة بإحتلا. . .  لها، وتشبث المملكة باستردادها بتراضٍ محكم. . . قد جعل من نفوسنا في الضفتين كجيل عايش محنة الحرب ومحنة الاحتلال، وقاوم لبلوغ الزوال، كل ذلك وغيره كثير قد غطى تلك المساحة في الزمن التي قطعتها بين نيسان 1963 وحزيران 1972. في هذه الفقرة المقتبسة من المقدمة، يضع أحمد سلامة الإطار الزماني والمكاني لمؤلفه السادس آل عمان. ففي هذا الكتاب الذي يتلوّن أسلوبه بين التسجيل والتوثيق والإسقاط التفسيري والبيوغرافيا الانتقائية، لكن غير الاختزالية، يسرد الكاتب جوانب مهمة في التطور، والتراجع، الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، للمجتمع الأردني والعمّاني منه تحديدا، على مدار أربعة عقود من ستينات إلى نهاية تسعينات القرن الماضي. ينتقي الكاتب عدة شخصيات عمّانية مفتاحية ويناقش من خلال محطات في مسيرتها التطور والتراجع في المنظومة الأخلاقية والقيمية للمجتمع العماني والتطورات العامة فيه. مسارح الأحداث تتنوع بين الجامعة الأردنية، بما ضمته من حراك طلابي، وتغييرات في بنية هيئة التدريس، وتوجهات سياسية للمجتمع الأكاديمي. كما يغطي الكتاب أحداث وطنية محورية، مثل حرب الخليج وانطلاق عملية السلام، تشير إلى علاقة الإعلامي بالسياسي ومناخات صناعة القرارات الإعلامية ومستوى الحريات الإعلامية، من خلال تسجيل محطات مهمة في صناعة الصحافة والإعلام، والعمل السياسي في القصر الملكي. ويظهر كثيمة بارزة ومتكررة في الكتاب: صعود ثقافة التشدد الديني، وتسييس التدين، وقدرة حركات دينية على الاستفادة من التناقضات السياسية، بالإضافة إلى تغيرات عميقة في مفهوم الهوية. الكتاب يتداخل فيه الشخصي والعام، والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. ستستمتع بالكتاب الفئات العمرية التي عاصرت هذه الأحداث من العمانيين، لكنه غير مغلق عليهم، إذ كُتب بأسلوب يتيح للقراء الشباب معرفة جوانب مهمة من تاريخ مجتمعهم ومدينتهم عمّان، التي يبدو أنها سريعة الحركة ولا تتوقف عن التغيير!   Show.