تبدو أهمية مؤلف الأستاذ "مسعود الشابي" من المضمون ومن العنوان، "فعروبة وإسلام" دروس متعددة ضمن وحدة، ووحدة فكرية متعددة الجوانب "عروبة وإسلام" مفه. . .  ومان متداخلان متكاملان، وواقعان تشابكت دوائرهما وتلاقت مصالحهما، وتقاطع فيهما الماضي والحاضر والمستقبل، وأثرن فيهما الجغرافيا وقولبتهما الثقافة وصهرتهما الحضارة الواحدة بغناها وثرائها. إلا أن أهمية الكتاب تبدو أكثر عند ما نعرف أنه يلقي ضوءاً كاشفاً على مجموعة القضايا التي أثرتها "أزمة الخليج". استطاع المؤلف استباق هذه الأحداث، فعالج مختلف جوانب تلك القضايا، فقد عرض استراتيجيات الدول الكبرى في الخليج والبحر الأحمر والمحيط الهندي وشرق المتوسط والقوى المتواجدة بها. كما عرض ارتباط الأمن العربي بالبلدان الإسلامية المجاورة كتركيا وإيران. وأوضح التأثير البالغ لهذين البلدين الإسلاميين غير العربيين في الأمن العربي حرباً وسلماً وما تقتضيه هذه العلاقة من اهتمام بالحركات الإسلامية في هذين البلدين وضرورة الاستعانة بها كأوراق للضغط على حكوماتها لإبعادها عن خدمة السياسات الغربية العدوانية، وبالتالي اهتمام القوميين بالإسلام وبالحركات الإسلامية في البلاد العربية، لإفتكاكها من يدي الأوساط الرجعية العربية المرتبطة بأمريكا من جهة، ولتكون أداة اتصال بالحركات الإسلامية في كل من تركيا وإيران من جهة أخرى. وهكذا، بدل أن تكون الحركات القومية والإسلامية على تناقض تستغله الدولة العدوة، تصبح متناغمة يخدم كل منها في المجال الذي هو أكثر فاعلية فيه، مسألة أمن الوطن العربي الإسلامي واستقلاله وخروجه من هيمنة الدول الكبرى. وما مداخلاته في ندوة "الحوار العربي الإسلامي" في القاهرة المنشورة في هذا الكتاب ومساهمته في الإعداد لها سوى تطبيق حي لهذه النظرة الاستراتيجية التي جاء موقف الحركات الإسلامية الداعمة للعراق في "أزمة الخليج" برهاناً على صحتها. إن هذا الكتاب يشكل رؤية شمولية استراتيجية لمجمل صراع الأمة العربية مع أعدائها بارتباطها بحزامها الإسلامي ويلقي الضوء على العقبات والعراقيل التي تقف أمام إرادة الأمة العربية في التحرر والتطور الطبيعي. باستطاعة المرء أن يقول بدون تحفظ أو مبالغة بأنه كتاب "أزمة الخليج" ولكن ليس كتاباً لتأريخها إذا استبق الدكتور الشابي تلك الأحداث بسنوات عديدة وبرهن مرة أخرى بأنه في طليعة الفكر الاستراتيجي العربي. ففكره يهيأ للفعل في التاريخ بدلاً من أن يفسره أو يبرره كما يفعل الكثيرون. فقد برهن على ذلك في دراسته "وحدة الأمة ونظرية الحدود في القانون الدولي". في هذه الدراسة، رغم طابعها الأكاديمي، إثارة مبدعو لمسالة القانون والشرعية الدوليين وطابعهما التابع لمصالح الدول الكبرى المهيمنة وتناقض ذلك القانون مع مصالح الأمة العربية المشروعة. كما حدد الثغرات الموجودة في هذا القانون وضرورة تطويره أو تغييره ليكون في خدمة مجموع دول العالم، بدل أن يكون في خدمة الدول الإمبريالية. ووضع الأساس لنظرة نقدية لذلك القانون انطلاقا من مصلحة توحيد الأمة العربية حتى لا يكون القانون الدولي مكرساً لتجزئتها وضعفها ومبرراً للعدوان عليها. المؤلف مناضل قومي من الرعيل الأول وصل إلى أعلى هيئة أركان القيادة السياسية القومية في حزب البعث العربي الاشتراكي (القيادة القومية)، وصديق حميم ورفيق درب مزمن لمؤسس الحرب ميشيل عفلق.   Show.