ليس ذنبه أنه ولد منغولياً، ضحية من ضحايا الحرب الباردة بتأثيرها النفسي السلبي، وليس ذنب والدتي إذ إن الحرب قد بددت كل الطمأنينة في نفسها، وحولتها. . .  لتعيش حالة توتر دائم. أطل صهيب على حياتنا وكنا ننتظره بشغف، أتانا يحمل ذكرى الحرب؛ طابعها، قسوتها، إرهابها في داخله. . . أحببناه جميعاً، ربما عطفاً في البادية وشفقة عليه وعلى أمي التي فجعت به، لكنه عندما كبر سنواته القليلة، بدأنا نلمح عليه ظواهر ذكاء حاد، وقوة في الفهم، فهو يفهمنا وإن صمت، ويجعلنا ندرك ما يريد بإصرار حتى نحققه له. . . ها هو ذا ينطق بصعوبة كلمة شكراً، التي عانت أمي كثيراً حتى تعلّمها، وهو يتلقى مني أول هدية في دمشق، سيارة صغيرة حمراء، اشتريتها بثمن بخس مما تبقى من مصروفي، وإن كنت أدفعه كاملاً لأقرأ تلك البسمة على شفتيه.   Show.