علم اللاهوت كلام يُنشئه الإنسان تعبيراً عن مداناته لسرّ الله. وعبارة السر في هذه المقاربة تُربك الكلام اللاهوتي أيما إرباك، إذ أن السر، بمقتض طبيع. . .  ة، يحرّر طاقات الاجتهاد الفكري، وفي الوقت عينه يُغلِق باب اليقين الثابت القاهر. ومن ين العلوم الإنسانية جميعها وحده علم اللاهوت يُعوِزه موقف ملزم من التسليم والإيمان يبرر به موضوع خطابه ومستند مقولاته. ومن بين العلوم اللاهوتية جميعها وحده علم الأصول يعنى بمعالجة مسألة التبيري هذه. لذكل انبرى علم الأصول، منذ نشأة العمارة اللاهوتية في الفكر المسيحي، انبرى يواكب الإيمان المسيحي في أعمق تساؤلاته وأبعدها إيغالاً وتأصلاً. وهذا الكتاب هو الجزء الأول من "علم الأصول اللاهوتية". وقد وضع مقدمته الأب الدكتور مشير باسيل عون، وخاتمته البروفسور الدكتور عادل تيودور خوري. أما فصوله المختلفة، فقد تمّ اقتباس أكثر ما فيها من فصول منتقاة من الجزئين الأول والثاني لمؤلّف ألماني ذكرنا عنوانه على الصفحة الرابعة. مثل هذا الكتاب قليل في بلادنا، ولم تُدرس مواده في المعاهد اللاهوتية إلا نادراً. أما مضمونه، فلا يصحّ أن يُقرأ قراءة سريعة، بل يجب الإكباب على فصوله ومطالعتها مطالعة متروية، ودرس مقاطعها درساً ملياً، وإعمال الفكر في ما تعرضه من معطيات وتقدمه من أساليب البرهان. فالفكر ينبغي أن يصبر عليه طالب العلم، والحقيقة يجب أن يبحث عنها ملتمسها بحثاُ دؤوباً. وأملنا أن يسهم هذا الكتاب في تعميق الفكر اللاهوتي وفي إناء المكتبة المسيحية العربية. وعسى أن يثير اهتمام بعض المثقفين المسلمين فيطّلعوا على القضايا التي تشغل علماء المسيحية وعلى طريقتهم في معالجتها.   Show.