هذا اللون حديد وفريد من فن الرواية غير مسبوق ولا متشابه، هنا بطل واحد يتقلب على أوجه الليالي بحثاً عن مكان يبيت فيه سواد ليله، البناء الفني هنا مع. . .  مار عربي صرف، فإذا كان البناء في المعمار العربي القديم يتألف من مجموعة أبنية داخلية لكل منها استقلاله الفردي وشخصيته المتميزة التي تتفق مع أغراضه وموقعه بحيث تؤلف في مجموعها إطاراً عاماً لبناء واحد ذي غرض أكبر تشترك كل هذه الأبنية في خدمته. . فكذلك هذه الرواية لهذا الكاتب ذي التجربة الحياتية الغنية جداً والتي انعكست باستمرار على أدبه. . . تتألف هذه الرواية الفذة من مجموعة نصوص في تيار شعوري واحد الشكل منها دعائم نص واحد كبير هو موال البيات والنوم، مقاطعة الغنائية تنطلق من آلام ذاتية، لتنتعش في أفئدة القراء الإحساس بموضوع كبير يهم الجميع في كل مجان ويؤرق مضاجعهم: البيات والنوم. ولأن هذا الموال وليد تجربة اجتماعية حية فيما يبدو، يعكس مشهداً حيوياً للموقع العربي الراهن بكل صدق وحرية وأمانة، فإن البعض قد يخلط بين شخصياته وشخصيات موجودة في الواقع الفعلي، لكن القارئ المدقق سيكتشف أنه محض تشابه تفرضه عمومية التجربة عنها، ويمليه نبل غرضها الفني. إنه موال أحمد، مشهد من الزمن الضائع الردئ، الممتد في أحشاء الراهن الآن، عشرات المئات من الليالي السود الشريدة منذ أن طردها متن الزمن فما ظنك بمواطن شريد في ليال شريدة، كل همه أن يحتفظ بقلبه سليما، وكل هذه الليالي المترادفة إن هي في اكتمال الدائرة إلا ليلة واحدة طولها عشرون عاماً أو يزيد تبدأ بنزول الليل، وتنتهي. . بفض اشتباك الجفون، وما بين البداية والنهاية نفس إنسانية ضائعة حائرة لا ينقذها من الغرق إلا. . سلامة القلب.   Proclaim.